تابع للقوانين العقارية الجزائرية 2009
صفحة 1 من اصل 1
تابع للقوانين العقارية الجزائرية 2009
المبحث الثاني :
شرط القيد كمرتب للحق و آثاره في مواجهة الغير:
مكن المشرع من كان الحق أو التصرف القانوني لمصلحته من امتياز شرط القيد ليدّعي في مواجهة الغير, سواء أكان مركزه منجرّا عن تصرف قانوني أو واقعة مادية كالتقادم المكسب للملكية أو الالتصاق أو الوفاة, و هذا بعد شهر الدّعوى الدائرة حول الحق المنوه إليه، أو تعرقل التصرف فيه.
و قد جاء في نص المادة 15 من الأمر 75/74 المتضمن قانون المسح العام للأراضي و تأسيس السجل العقاري أن:
" كل حق للملكية و كل حق عيني أخر يتعلق بعقار لا وجود له بالنسبة للغير إلا من تاريخ يوم إشهارهما في مجموعة البطاقات العقارية، غير أن نقل الملكية عن طريق الوفاة يسري مفعوله من يوم وفـــاة أصحاب الحقوق العينية " .
و بذلك يكون النص الحالي قد اقتصر في استثناءاته على الوفاة، التي يعتد بها وحدها لإعمال الأثر الرجعي لنشوء حقوق الورثة في الملكية عند أي قيد لاحق.
تجدر الإشارة إلى أنه ثار خلاف قضائي و فقهي حاد قبل سنة 2003 حول ضرورة شهر عقد الوعد بالبيع، فذهب اتجاه إلى عدم ضرورة ذلك لاعتبار أن التصرف لا يؤثر على المركز القانوني للعين من جهة، ومن جهة أخرى اعتبار إمكانية الرجوع قبل حلول التاريخ المحدد لإبرام عقد البيع, و كذا أن ذلك لا يؤثر في شئ إذا ما لم يبد أي من الواعد و الموعود له رغبتيهما في التقدم إلى الموثق أو بذل إجراء قضائي لتفعيل الوعد، فتستمر الحالة علي ما كانت عليه دون تغير في صاحب الملكية. فلا داع بذلك لإجراء الشهر .
فيما ذهب الاتجاه الغالب إلى إخضاع الوعد بالبيع إلى ذات أحكام عقد البيع لا نصبابهما على عقار, و هو ما كرسه مجلس الدولة بقراره: 004983 لتاريخ: 15/07/2002 – مجلة الدولة عدد 3 لسنة 2003 الصفحة 155- إذ اعتبر أن الوعد بالبيع إذا لم يراع الشهر فلا يحتج بـه في مواجهة الغير، و هو الموقف الذي اتخذه المشروع بقانون المالية لسنة 2004.
المطلب الأول:
مدى نفاذ التصرفات و الإجراءات القانونية في حق الغير :
لقد حسم كل من القانون المدني و قانون الإجراءات المدنية و كذا قانون الشهر مسألة جواز الاحتجاج بالحق في مواجهة الغير، معتبرة كلها ذلك لا يمكن قيامه إلا من تاريخ القيد. كالتصريح بالشفعة الذي لا ينفد في حق الغير إلا من تاريخ تسجيل الرغبة فيها (الشفعة)، فبذلك يمكن أن يكون التصرف الحاصل لغير الشفيع محلا للإبطال.
كذلك تسري آثار القيد في الحيلولة دون التصرف في الشئ المحجوز عليه بالنسبة للحجوز العقارية سواء عن طريق الإيجار أو البيع و تلقي الإيرادات و الأجور، و أيضا مثل عدم نفاذ الحوالات و المخالصات بالأجرة متى زادت عن ثلاث سنوات في حق الدائن المرتهن إلا في حالة ما إذا تم تسجيلها سابقة عن قيد الرهن طبقا للمادة 897 القانون المدني.
كما أوقف المشروع بالمرسوم 76/63 المطبق لقانون الشهر قبول العرائض الهادفة إلى الحكم بالفسخ أو الإبطال أو نقض الحقوق الناتجة عن وثائق مشهرة ، و ذلك بموجب المادة 85 منه، إذ يثبت هذا الشهر بشهادة من المحافظ العقاري (راجع الموضوع الخاص بذلك).
أما فيما يتعلق بالشرط الذي تم على أساسه الفسخ أو الإلغاء أو الإبطال الواقع للحقوق المشهرة, فإن عدم إشهاره يجعله غير سار تماما, كالحكم المؤسس عليه قِبَـلَ الخلف الخاص لصاحب الحق، فإذا افترضنا أن عقد البيع أًبرم بتاريخ: 27/12/2006 من "أ" إلى "ب" و تم شهره في: 02/01/2007، تم تعاقد "أ" مع "ب" من جديد على أن لا يتصرف بالبيع و لا بغيره من التصرفات في العقار المبيع بتاريخ 04/01/2007 و تصرف "ب" ببيع العقار نفسه إلى "ج" في 06/01/2007 قام "أ" و "ب" بشهر العقد الثاني المانع للتصرف الذي أبرماه، فإنهما لا يمكنهما أن يطالبا "ج" برد المبيع و استلام الثمن لأن الشرط أسبق من البيع الأخير، إذ يمكن لـ "ج" أن يدفع حينها بأن الشهر هو الذي يرتب آثار الشرط الذي تعاقد "أ" و "ب" من أجله معتمدا على ما تحميه به المادة 87 من المرسوم 76/63 المطبق لقانون الشهر .
أما فيما يتعلق بمصير الدعاوى غير المشهرة فإن مجلس الدولة بقراره رقم 2160 المؤرخ في 08/10/2001 المنشور على الموقع [Link nur für registrierte Benutzer sichtbar] رتب عدم قبول الدعاوى الدائرة حول حقوق كانت مشهرة، و رغم صواب ما ذهب إليه ، فإن الغريب أن الغرفة العقارية للمحكمة العليا استثنت من هذا الشرط- و بالتالي من هذه النتيجة - العرائض الافتتاحية الدائرة حول العقارات المتواجدة بالأماكن التي لم تكن خاضعة للمسح. ولا ندري ما العبرة من اعتماد معيار المسح في ذلـك.
المطلب الثاني :
شرط القيد لوجود الحق العيني قبل الغير
ترتيبا على ما سبق عرضة تحت العنوان السالف, يمكن التساؤل حول إشكالية هامة و هي:
هل أن المشرع الجزائري قصد تخويل القيد مطلق القوة الإثباتية أم أنه أجاز الطعن فيه؟ و كذا: ماذا يمكن أن يترتب عن القيد عند الاعتداد بالأثر الرجعي في حالة الوفــاة؟
اشترط القانون ضرورة الإثبات بالقيد على كل مدع ملكيته لحق عيني بموجب واقعة مادية, كالتقادم المكسب أو الالتصاق بالعقار التي أجازها القانون المدني للحصول على الملكية, شأنه شأن المرسوم: 83/352 المؤرخ في: 21/05/1983 المتعلق بإعداد عقود الشهرة, المتضمن الاعتراف بالملكية.
فضلا عن المادة 39 من قانون التوجيه العقاري التي تخص تسليم شهادة الحيازة .
يشترط أن يفرغ التقادم المكسب للملكية في تصرف قانوني, مثل عقد الشهرة الذي يعده الموثق أو القرار القضائي الذي يتضمن اكتساب الملكية بهذه الطريقة، أو شهادة الحيازة المحصلة من البلدية ( و هنا تجدر الإشارة إلي أن شهادات الحيازة المسلمة من قبل البلدية لا تعد سند ملكية و إنما تعتبر وثيقة للإكساب بالتقادم عند مسح الأراضي) و يجدر التنوية إلى أن المادة 827 و المواد التالية لها من القانون المدني تضع حدا للإكساب بالتقادم في المناطق التي يكون فيها القيد لاحقا للمسح, مع إمكان ذلك فيما كان سابقا للمسح أو وقت القيد الأول, شريطة أن يحصل إفراغه في تصرف قانوني كما تم تبيانه أعلاه.
هناك إشكال يثور حول إمكانية تملك الحق الذي يشهر بعد القيد الأول عن طريق الحيازة ، سواء أخرج العقار من تحت يد مالكه إلى غيره فاستمر حائزا له للمدة التي تجيز الكسب بالتقادم في مقابل اعتبار الملكية أبدية بعد القيد كما هو معروف...
تكتسب الملكية بالتقادم بحسب المواد من 823 إلى834 و كذلك جميع الحقوق العينية العقارية الأصلية و تزول بعدم الاستعمال .
و استثنت الأراضي الممسوحة بالمادة الأولى من المرسوم 83/352 المؤرخ في 21/05/1983 المتعلق بإعداد الموثوق لعقود الشهرة, أي أنه خص فقط الأراضي التابعة للخواص دون غيرهــا.
كما يثور الإشكال أيضا حول قابلية الإدعاء للمطالبة بتقرير الملكية على أساس التقادم لأرض مندرجة ضمن مناطق ممسوحة تحصل صاحبها على وثائق.
إنه من غير الجائز اكتساب الملكية حيث ذلك لخضوع الدعوى هنا إلى ذات أحكام إعداد عقد الشهرة.
إذا أخدنا بمبدأ الشهر العيني نجد كثيرا من التشريعات تمنح القيد الأول قوة إثباته مطلقة لا تطرح مع وجودها مسألة الاكتساب بالتقادم.
لكن القانون الجزائري على خلاف ذلك سلك مسلكا أخر جاعلا بإمكان كل من له مصلحة أن يطعن في قرارات المحافظ العقاري كموظف, و ذلك أمام القضاء الإداري وفقا لنص المادة 7 من قانون الاجراءات المدنية مع احترام قواعد الاختصاص المقررة.
نصت المادة 15 من المرسوم 76/63 المطبق لقانون الشهر على أجل رفع الدعوى - تحت طائلة سقوط إمكانية رفعها - كاستثناء وحيد عن الأثر المطهر للقيد و القوة الاثباتية للقيد النهائي عند للجوء إلى القضاء لإعادة النظر في الحقوق التالية للعقد الأول .
و ينجلي – تفسيرا لذلك – عدم أخذ المشرع الجزائر بمطلق القوة الإثباتية للشهر بإجازته الطعن بإلغاء القيد أمام القيد لكن من تاريخ العلم بالقيد حسب الأحكام العامــة.
أما في ظل نظام الشهر العيني فلا يمكن الطعن و إنما فقط المطالبة بالتعويض بدعوى القضاء الكامل.
لا يمكن الإدعاء بالملكية بسبب الالتصاق ما لم يتم شهر السند الذي يثبت ذلك على ان يخرج ذلك عن الأراضي الممسوحة تحت طائلة افتقار القيد لقوته الإثباتية .
و قد نظمت الالتصاق بالمواد 778 ق م و ما يليها سببا لتقرير الملكية سواء اتصل ذلك بتغيير الحدود أو إنشاء حق عيني معين لصالح الخواص ، أو إلحاق ملكية خاصة بالأملاك الوطنية، مهما كان مصدر الفعل (أي الإنسان أو الطبيعة)، كما تضمنت ذلك مواد كثيرة من المرسوم: 76/63 المطبق لقانون الشهر, و المادة 15 من الأمر: 75/74 المؤرخ في: 12/11/1975 المتضمن قانون المسح العام للأراضي و تأسيس السجل العقاري.
لكن الغرفة العقارية كانت قد حسمت مسألة كون " الدفاتر العقارية الموضوعية على أساس مجموعة البطاقات العقارية البلدية و مسح الأراضي المحدث، تشكل المنطلق الوحيد لإقامة البينة في نشأة الملكية العقارية ... ومن الثابت قانونا كذلك أن الدفتر العقاري هو الدليل الوحيد لإثبات الملكيـة العقارية " (راجع المجلة القضائية لسنة 2001 الصفحة 249 ) .
بعد تطرقنا لكل من التصرفات القانونية و ثانيا إلى أحكام انتقال الملكية بناء على وقائع مادية و دور القيد بشأنها.. تعين أخيرا التطرق إلى الوفاة كواقعة مادية مكسبه للملكية عن طريق الميراث أو الوصية كتصرفين مضافين إلى ما بعد حصول واقعة الموت, وفقا لأحكام القانون المدنــي.
استثناء من آثار عدم الرجعية بالنسبة للقيد نجد المادة 15 من الأمر: 75/74 المؤرخ في 12/11/1975 المتضمن قانون المسخ العام للأراضي و تأسيس السجل العقاري تجعل من الإمكان الرجوع بالآثار إلى تاريخ الوفاة شريطة أن يسعى الوارث أو الموصى له أو هما معا للحصول على شهادة رسمية موثقة تتضمن انتقال الحق و قيده بمجموعة البطاقات العقارية طبقا للمادتين 39 و62 من المرسوم 76/63 المطبق لقانون الشهر العقاري, و هو ما كرسته المادة 91 من نفس المرسوم بجعلها "كل انتقال أو إنشاء أو انقضاء لحقوق عينية عقارية بمناسبة أو بفعل الوفاة يجب أن يثبت بموجب شهادة موثقة " .
و سطرت المادة 99 من المرسوم 76/63 المطبق لقانون الشهر العقاري أجلا للوارثين أو الموصين لهم قدره 6 أشهر بعد الوفاة, تحت طائلة عدم اعتبار القيد شرطا كاشفا, لينفذ التصرف في مواجهة غيرهم ، فتقع مسؤوليتهم المدنية إذا أضر تقاعسهم هذا بالغير, كما لا يمكن نتيجة لذلك أن يشهروا تصرفاتهم تطبيقا للأثر الإضافي للقيد و لا يمكنهم أن يحتجوا بما ينجر عن نظام القيد العيني من الضمانات لصالح ذوي الحقوق العينية التي تم شهرها لتصير تصرفاتهم ناجزه في الحقوق المترتبة عن الميراث بعد الوفاة .
خــــاتمة:
يمكن القول أخيرا أن المشرع الجزائر قد وفق كثيرا بأخذه بنظام الشهر العيني، و إعطائه أثرا منشئا للقيـد، و العلة من كل ذلك الضمان الأقصى و تحقيق المرونة في تأميـن المعامـلات بيـن المتعاملين في العقـارات أو علاقتهم بالغير من زاوية المسؤولية، رغم الفواصل و الفراغات التي تتخلل أحكام المشرع في إطار القوة الإثباتية للقيد، وكذا استثناء المناطق الممسوحة من إمكانية اكتساب الملكية بطريق التقادم، و هذه الانتقادات على قلتها لطبيعة الموضوع الحالي، تجعل المشرع أمام ضرورة سن نصوص لسدها, و إثراء المكتبة التشريعية العقارية التي تسرح أيدي القضاء في الفصل و عدم التراوح بين مختلف المفاهيم التي يصير إليها بتأويل نصوص متفرقة قد تنزل إلى مرتبة التناقض حول ذات المواضيع.
منقـــــــــــــــــول للأمــانة .
menbiskra- العمر : 39
عدد المساهمات : 36
تاريخ التسجيل : 30/05/2012
الموقع : www.islamway.com
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى